الخميس، 12 يناير 2012

المجتمع الذكوري بين الضرب والحيض





"ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا" النساء124
"فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض" آل عمران 195


مما لا شك فيه أن المجتمع الإسلامي يغط فى ذكورية بحتة. ولقد شكل هذا المجتمع التقاليد والأعراف بطريقة تتناسب والفكر الذكوري الذى يعطى الفرصة كاملة للرجل للسيطرة على عقلية المرأة وشل تفكيرها. بل وصلت الذكورية لدرجة تأويل شريعة الله فى قرآنه للخروج بقوانين وأحكام تناسب الذكر وتعطيه الدنيا والآخرة وتسحق المرأة فى الدنيا وتجعلها من أكثر أهل النار فى الآخرة. المجتمع المصري وما يغلب عليه من مظهر ديني - من البديهي أن - يظهر عليه أعراض الذكورية وبوضوح. أنا لست بصدد نقاش هل تدين المجتمع المصري مظهرى أو جوهري ولكن ما يعنينى هو التدين الذكوري الذى حقر من شأن المرأة وأرجعها عشرون سنة للوراء! للأسف تخلف الأنثى فى مجتمعنا المصري يحدث بجهالة و بإعتقاد ديني خاطىء.


بالرغم من الثورة النسائية وتحرير الأنثى المصرية فى أوائل القرن العشرين على يد قاسم أمين والشيخ محمد عبده، إلا إننا عدنا بالمرأة مرة أخرى إلا ما هو أسوء من عصر الحرملك. ففى عصر المتأسلمين والمستدينين أصبحنا نسمع كلمات ومصطلحات دخيلة على الإسلام وبعضها نسب لرسول الله للترهيب والترغيب. فبدأوا بأن المرأة أقل من الرجل وليقنعوها قالوا أن رسول الله المبلغ الأمين قال عنها أنها ناقصة عقل ودين!! وللإمعان فى إذلالها قالوا على لسان نبى الله محمد – عليه صلاة الله وسلامه – أنها من أكثر أهل النار. خافت المسكينة من أن تكون من أهل النار وعلمت أن دخول الجنة يأتى بطاعة ما يقوله المتأسلميين من سخافات وجهل. فأغلقت عقلها لأنه لا يضاهى عقل المتأسلميين ودينها ليس كدينهم. ثم إبتدعوا الحجاب وأوهموا المرأة بأنه الطريق السريع إلى الجنة. تناسوا تقويم خلق المرأة كسيدة وكأم وتناسوا دورها فى بناء مجتمع صحي متقدم. أغفلوا كل مهام المرأة فى النمو بالأمة الإسلامية وقالوا أن كل دورها هو الصلاة والصوم وإرتداء الزي الإسلامي!!! والله وحده يعلم من أين أتوا بأن الحجاب هو الزي الإسلامي!! لبست المرأة الحجاب وسمعت الكلام فطلعوا عليها بالنقاب لأنه الزي الشرعى الحقيقي وأن الحجاب ما هو إلا سفور ونفاق!!!!


أي أن المجتمع تفنن فى التلاعب بالمرأة وتدمير حياتها. والحمد لله ومن فضل الله عليهن أن غالبية نساء مصر لا يشعرن بهذه المهانة ولا هذا العذاب. فتجد الكثيرات يرددن الكلام الذى حفظوه عن ظهر قلب. ترى الأم المتعلمة تؤكد على أن المرأة عورة وفتنة وشر وإبتلاء على الرجال. تسمع الصديقة المتعلمة والتى تقول لك أن الله أمر الرجال بضرب المرأة لذلك فلا حياء فى الضرب...قصدى فى الدين! وتجد الجدة المتعلمة والتى تقول أن المرأة تعلق من كل شعرة – رآها رجل - فى الآخرة. تقول لك المعلمة أن الله كتب على حواء العذاب فى الدنيا لأنها سبب إخراج البشر من الجنة... وكأن الله فى قرآنه لم ينصف المرأة عندما قال: "فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " طه 120 .


لن أناقش الأسباب أو الحلول ولكن سأطرح آيتين بسيطتين والدلالة منهم عظيمة. فهم أكبر دليل على أن تأويل القرآن يتم بفكر ذكوري بحت وليس بفكر إسلامي خالص النية لله. لقد شكل الذكر المسلم كل شىء ليخدم إحتياجاته وخوفه من إنطلاقة المرأة العقلية. فحتى أيات الله فسرها بطريقة تخدم حجته وتعطى المرأة الإحساس والشعور بالإنكسار والتبعية. الآية الأولى هى: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن" النساء 34. والآية الثانية هى: "ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن" البقرة 222. هذا التحليل الذى سأقدمه مفسر من وبالقرآن وخالص النية لله جل جلاله.


الآية الأولى : "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن" - النساء 34


أنا من المؤمنين بأن القرآن يفسَر بالقرآن. وإذا أردت أن تعرف معنى كلمة قرآنية فأبحث عن مثيلاتها فى القرآن وقارن بينهم لتصل إلى أقرب المعانى بإذن الله. كم من التأويلات سمعنا للآية السابقة. كم من الأحاديث نسبت كذبا لرسول الله فى محاولة لإثبات أن المرأة واجب الضرب الجسدي عليها. كم من مؤيدين ومعارضين حاولوا تفسير الآية بطريقة تناسب عقليتهم ونظريتهم. أستوقفتنى الآية كثيرا وقرأت وسمعت كل التفسيرات والتى لم تكن منطقية من وجهة نظري. ترى البعض يقول أن المرأة واجب فيها الضرب الجسدي وآخرون يقولون بل ضرب خفيف بالمسواك. وترى آخرين يقولون بل ضرب نفسي وهكذا كثرت الأقاويل.


إذا تدبرت مواضع كلمة "الضرب" فى القرآن الكريم للتوصل لمعنى يتناسب مع الدين الإسلامي ستجد أن كلمة ضرب ذكرت فى 54 آية مفصلة منزلة من العزيز الحكيم. و أختلف المعنى و أتفق فى كثير من الآيات. فالضرب فى القرآن جاء بالمعاني التالية:
• إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة - أي يبين ويوضح
• فقلنا اضرب بعصاك الحجر- أي يضع شىء فوق شىء: العصا على الحجر ومثال قرآني آخر: فقلنا اضربوه ببعضها.
• وضربت عليهم الذلة والمسكنة – أي كتبت وقدرت
• إذا ضربتم في سبيل الله – أي مشيتم وإبتعدتم عن الشىء. ومثال آخر: وإذا ضربتم في الأرض. أي أبتعدتم عن نقطتكم الحالية. وأخذنا منها قولنا (الإضراب عن الطعام) أي الإبتعاد عنه


لقد ترك المفسر الذكوري كل كلمات الضرب فى القرآن ولم يتوصل إلا للمعني الذى يشفي غروره كرجل وحبه الطبيعي للتجبر. فلقد فسر الفقهاء الأجلاء ومن وراءهم المسلمين المغيبين الكلمة على أنها أذى جسدي فى حين أنه لا يوجد فى أيات الله وقرآنه ما يشير إلىأن كلمة ضرب تعنى أذى جسدي. والأقرب إلى المعنى والتفسير هو الإبتعاد والإنتقال إلى نقطة أخرى. والضرب الجسدي كلمة حديثة مأخوذة عن ضرب الشىء بشىء آخر. وعندما أراد الله أن يتكلم عن العذاب الجسدي فى قرآنه كان يستخدم كلمة "أذى" ومثال قرآني: "واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما". أي ان الله لم يستخدم كلمة الضرب كمعنى للعقاب ولكن هكذا فسرها المسلمون على أهواءهم لإرهاب النساء فى مجتمع كثر فيه شتى أنواع الإرهاب.


وكما قلت، لا يوجد ضرب بمعنى أذى فى القرآن. ولذلك المعنى الوحيد المتبقى والذى يتماشى مع الآية القرآنية هو الإبتعاد والإمتناع. ولكن حب الذكر العربي للأذى ورغبته فى التملك قادت فكره لتأويل الآية على أهواءه السادية. فالله عندما أراد أن يعاقب الأنثى التى تأتى بالفاحشة ترأف بها وقال: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسآئكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا". لم يقل سبحانه أرجموهن أو أقتلوهن أو عذبوهن أو حتى أضربوهن، ولكن قال أمسكوهم فى البيوت حتى الموت أو التوبة. هذا هو الله يا مجتمع يستمع لأهواء قلبه فقط ولا يستمع لصوت الحق. هذا هو الله الذى رحم الأنثى بشتى الطرق ولم ترحموها أنتم بنيران ألسنتكم التى تتشدق بالدين عن جهالة.




هذه آية من عشرات الآيات التى فسرها الرجال بطريقتهم الخاصة لإذلال النساء ولم يتوقف عاقل للحظات ليتساءل أين الضرب الجسدي فى القرآن ولماذا نفسر الكلمة على أنها ضرب جسدى للمرأة وليس إضراب عن المرأة الناشز؟!!!!


الآية الثانية: "ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن" البقرة 222.


الآية الثانية أبسط وأرحم فى حكمها عن الأولى ولكن تأويل هذه الآية هو أكبر دليل على أن الرجل المسلم يعتقد أن الكون وخَلق الله كله مسخر له وخُلق من أجله. فتجد الناس رجال ونساء – فى المجتمع الذكوري – عندما يناقشون هذه الآية يؤكدون على أن الله أمر الرجل بإعتزال المرأة لأن الدم نجس ويعرض الرجل للأذى!! لم تجد واحد يقف ويفكر هل الأذى أذى للنساء أم للرجال؟ كل الرجال يفكرون فى أنفسهم فقط عند قراءة الآية الكريمة ولم يدرك أحدا أن عظمتها تكمن فى رحمة الله بالأنثى المسكينة والتى يعلم أن هناك من سيجبرها على المباشرة "إذا أراد"!! فأمرهم الله بإعتزالها تماما جنسيا فى فترة المحيض لأنه أذى تتحمله الأنثى وليس هناك داعى لأن تتحمل ما هو أكثر من ذلك:" لا يكلف الله نفسا إلا وسعها".


كلمة "أذى" ذكرت فى القرآن فى سبع آيات وكلها كانت تحتوى على معنى واحد وهو الألم النفسى/الضيق. فمن أين جاء الرجال بأن الأذى يقع عليهم هم وأعتقدوا خطأًًً أن كل آيات الله أنزلت من أجل سواد أعينهم ولحمايتهم من أذى النساء العضوي والدنيوي!!! "أفلا يتدبرون القرآن" لماذا لا نضع الأمور فى نصابها الحقيقي ونعطي المرأة حقها كما أكرمها الله. لقد أبتدعنا أحاديث عن الحيض وأدعينا أن فيها رحمة للنساء. وهل هناك ما هو أكثر من رحمة الله عندما يقول للرجال أن يرحموا المرأة فى وقت حيضها لأن ما بها من أذى يكفيها. وهل بعد رحمة الله يوجد رحمة أخرى. كان يجب أن تخلق هذه الأحاديث لترحم المرأة بعد أن شوه الرجال تأويل القرآن وأوهموا المسلميين أن يعتزلوا النساء فى المحيض حتى لا يقع عليهم الرجس النسائى من الأذى المحيضي!! كان يجب أن تأتيهم أحاديث تححببم فى المرأة بعيدا عن الأذى الذي يصلهم من الحيض. لم يتدبر رجل واحد المعنى ويفكر ويصل لحقيقة أن الأذى أذى المرأة والألم ألم المرأة وان الرحمن الرحيم أدرى بعباده وبنفوس خلقه من الرجال. لم يترك الله مجالا للقيل والقال فأمر الرجال بالأبتعاد جنسيا عن المرأة لم فيه من أذى عليها هي وليس هو!!


أتمنى أن يكون الهدف قد وصل وأتمنى أن ننمو ولو قللا بعقول رجال المسلميين حتى تستعيد المرأة مكانتها مرة أخرى وبالتالى تستعيد الأمة مكانتها العالمية. أتمنى أن يكون القرآن شفاء ورحمة لنفوسنا المدمرة الضعيفة.


إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا



هل يسمح القرآن الكريم بضرب الزوجة ؟



يفسر بعض العلماء الفطاحل معنى الضرب في القرآن الكريم على انه (صفع ولطم واستخدام الايدي ) وهذا مفهوم خاطئ مع الاسف لكثير من المسلمين.

الذين يعتمدون على تفسير الكلمة كما يحلو لهم وخاصة ضرب الزوجة لغرض الاقتناع فمنهم من افتى بضربها ضربا خفيفا او دفعة بسيطة او الضرب بسواك وعليه فان افضل بحث عن معنى الكلمة هوكتاب الله القرآن الكريم تقول الآية الكريمة الآتي:
((( يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا
ضَرَبُواْ فِي الأرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزّى لّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ
وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ
وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
{ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأرض } 
إذا سافروا فيها وأبعدوا للتجارة أو غيرها ،
وكان حقه إذ لقوله قالوا لكنه جاء على حكاية الحال الماضية. ))) 
أل عمران 156
وواضح هنا من سرد الآية الكريمة بأن اللذين قد ضربوا في الأرض كانو قد رحلو من مكانهم لمكان أخر بدليل وبشكل نهائي لقول ذويهم لو كانوا عندنا ما ماتو وعليه فان الضرب يعني الرحيل.

وفي الآية الكريمة التالية الآتي:

((( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ 
وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ
أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))) 
النور:31

وواضح هنا ايضآ ان الضرب قد اتى بمعنى الاخفاء فليس من المعقول ان تمسك المراة خمارها وتصفع به وجهها حتى يتورم وعليه ان معنى الضرب في الاية الاولى وهو الرحيل او الابتعاد المؤقت وليس الصفع اما في الآية الثانية فياتي بمعنى اخفاء معنوي او نفسي وهنا نسال اهل العلم كيف فسروا الضرب في هذه الآية الكريمة:
((( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ
بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ 
 وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ))) 
النساء 34
هل معنى كلمة الضرب في هذه الآية الكريمة الصفع او اللكم للزوجة ام انه الرحيل او ربما الابتعاد المؤقت " ترك الرجل للمنزل بصورة مؤقتة بغرض التأديب " ؟

وكما نرى هنا ان اضربوهن تعني على الارجح الابتعاد عنهم وليس الضرب بالمعنى الشائع.
فهل يعقل ان يضرب الزوج زوجته ومن ثم يطلب منها معاشرته ؟

____________________________________
مواد متعلقة وتفاسير:

معنى النشوز في القرآن الكريم 
شيخ الإسلام ابن تيمية 
نص سؤال في الفتاوى الكبرى ( 3 / 338 ) 

في قوله تعالى { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن } ، وفي قوله تعالى : { وإذا قيل انشزوا فانشزوا } إلى قوله تعالى { والله بما تعملون خبير } ، يبين لنا شيخنا هذا النشوز من ذاك 

الجواب : الحمد لله رب العالمين . 
" النشوز " في قوله تعالى : { تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع } هو : أن تنشز عن زوجها فتنفر عنه بحيث لا تطيعه إذا دعاها للفراش ، أو تخرج من منزله بغير إذنه ، ونحو ذلك مما فيه امتناع عما يجب عليها من طاعته . 

وأما " النشوز " في قوله تعالى : { إذا قيل انشزوا فانشزوا } فهو النهوض والقيام والارتفاع . وأصل هذه المادة هو الارتفاع والغلظ ، ومنه النشز من الأرض ، وهو المكان المرتفع الغليظ . ومنه قوله تعالى : { وانظر إلى العظام كيف ننشزها } أي نرفع بعضها إلى بعض . ومن قرأ ننشرها أراد نحييها . 

فسمى المرأة العاصية ناشزا لما فيها من الغلظ والارتفاع عن طاعة زوجها ، وسمي النهوض نشوزا لأن القاعد يرتفع من الأرض . والله أعلم .
تعليق:
فإذا خاف الزوج نشوز زوجته عالج ذلك بطريقة متميزة رفيعة المستوى ، حيث يبدأ وعظها وبيان خطورة طريق النشوز ثم عليه إن لم تمتثل أن يهجرها في المضجع فإن لم يصلح الهجر في المضجع يأتي الهجر الكلي في البيت ، ( أو ترك البيت للزوجة وخروج الرجل منه كما فعل المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) .
_____________________

الفهم الخاطئ للأمر الإلهي
قد أدى هذا الفهم الخاطئ للأمر الإلهي إلى التناقض بين هذا الأمر والهدي النبوي في معاملة المرأة ، ومن أغرب ما سمعت ان دكتورآ وفي إحدى الفضائيات العربية الذي يقول إنني أوجع زوجتي ضرباً امتثالاً للأمر الإلهي ، والمعلوم أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يضرب زوجة من زوجاته قط ،
وأنه قال : ( خيركم من لا يضرب ) وعندما حدث خلاف كبير بين الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونسائه لم يضرب واحدة منهن ، بل ترك لهن الحُجُرات واعتكف في المسجد .
____________________
ما معنى نشوز المرأة، ونشوز الرجل؟
منقول من اسلام اون لاين
بسم الله الرحمن الرحيم 
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: 
المراد بنشوز المرأة: خروجها عن طاعة الزوج في غير معصية ترفعا عليه، واستكبارا عن طاعته، مما يعكر صفاء الأسرة، ويدفع إلى التخاصم، ويكون حالها حال الإعراض دائما، حتى فيما عليها من حقوق للزوج. 
أما نشوز الزوج: فهو مضارته للزوجة فيما لا حق له فيه، وعدم إمساكه بالمعروف، أو تسريحه للمرأة بغير إحسان، أو تقصيره فيما عليه من حقوق، فكل هذا من نشوزه، وكل ذلك محرم. 
وأشير هنا إلى أمر مهم حتى لا يلتبس الأمر، فإن قضية قوامة الرجل مثالها مثال مؤسسة يصدر مديرها لوائح، فهذا المدير وجوده لا يعني أفضليته على غيره، وعدم تنفيذ هذه اللوائح يخل بسير الشركة، إذا كان هذا في كل مؤسسة، فالأسرة التي هي لبنة المجتمع أولى بذلك ، وكانت طبيعة الرجل أنسب للقوامة، وإنما جعلت له الطاعة في المعروف لأجل استقامة الأسرة، كما في المثال الذي سقته سابقا. 
والله أعلم.
_________________
نشوز الرجل

هبة رؤوف عزت
طالما تساءلت عن السبب في ارتباط استخدام مصطلح "النشوز" من قبل الفقهاء وفي أذهان الناس بالمرأة فقط، فلم نسمع عن "الرجل الناشز"، وإنما سمعنا كثيرًا عن "الزوجة الناشز" التي لا تطيع. وفي القوانين هناك الحكم "بالطاعة"، أي ردها لبيت زوجها؛ لأنها.. نشزت.

تعريف المعرف

أقرأ في كتاب الله فأجد أن وصف النشوز أُطلق على الرجل والمرأة على حد سواء إذا استعلى أحد أطراف العلاقة الزوجية على الآخر، وأحمد الله أن نشوزنا عقوباته تكون داخل غرف البيوت وفي سرية، لا نُفضح بل يسترنا الله، في حين أن نشوز الرجل علاجه بيننا صلحًا قد يتدرج إلى استدعاء الجماعة المؤمنة من أهل وأولياء.

النشوز ليس مرادفًا لاعوجاج المرأة، إنما هو وصف لاعوجاج السلوك وعدم الالتزام بالمودة والرحمة، والعلاج يستـلزم تقـوى، ويستلزم حضورًا للأسرة الواسعة، حينئذ يصبح دور الأولياء والذين شهدوا عقد الزواج الحفاظ على هذه الرابطة من أي خلل، ومعالجة المواقف التي تهددها، فالولاية راعية والجماعة ساهرة على رأب الصدع.

في عالمنا الإسلامي نشوز المرأة فيه كلام كثير؛ تعريف نشوز المرأة وبيانه، وملامحه وسماته، والقانون في بلدان كثيرة فصل فيه، لكن نشوز الرجال يحتاج إلى تعريف وبيان. كيف نعالجه؟ وكيف تنصف الجماعة المؤمنة المرأة؟ وترد الرجل عن الظلم والاستعلاء إذا فعل؟ الكلام هنا قليل والكتابات نادرة، والفقه لا يسعف أحيانًا، والقوانين لا تحقق الكثير.

المرأة لا يحل لها الهجر في المضاجع، وإلا باتت تلعنها الملائكة، ونحن مؤمنات مسلمات قانتات، لكن الواقع يشهد مظالم يسكت عنها الناس بدعوى احترام الخصوصية، ويقلّ من ينصر من أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بتقوى الله فيهن: نحن النساء.
الشرع ميزان، مقصده العدل، لكننا لم ننضبط، فاستجد من الأقضية بقدر ما حدث من الفساد. الدين النصيحة، فلنعد إلى كتاب الله، وننظر بدون هوى أو تقليد، ولندرك الحكمة، ونضبط المفاهيم، ونلتمس العلاج.
اقرءوا: (الآية: 34) و(الآية: 128) من سورة النساء،
وأعيدوا بناء المفاهيم بقسط، وطبقوا كتاب الله في بيوتكم.
أشهد أن لا إله إلا الله.. رضيت.

هل يسمح القرآن بضرب النساء؟؟؟



لنجيب على التساؤل بتجرد لابد من تأمل تفسير المسلمين ومفهومهم الحالي لمعنى قوله تعالى في سورة النساء من القرآن العظيم:
( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا...*) 34- 4.
من خلال تأملنا للآية والبحث عن مصدر المفهوم العام لكلمة ضرب ومشتقاتها، لابد لنا من التأكيد مرة أخرى على أن القرآن نزل بلهجة قريش العربية ، وكأي قبيلة عربية أخرى فإنها لا تستخدم مترادفات متعددة للتعبير عن أي شيء.
انطلاقا من هذه الحقيقة ومع إدراك أن اللغة العربية الفصحى التي نشأت في العصر العباسي ووضعت له قواميس لفهم كل اللهجات العربية خاصة في عصر النحوي الشهير : سيبويه فقد جمعت الكلمات المترادفة بحسب الهجات العربية المتعددة في تلك القواميس حيث نرى مثلا أن للسيف وحده في القاموس المحيط عشرات الأسماء، وكذلك نجد للأسد أسماء عديدة في اللغة العربية،: كالليث والهزبر والورد والضرغام والسبع وإلى آخر ماهناك من أسماء مختلفة حسب اختلاف لهجات القبائل العربية التي كانت متباعدة عن بعضها في الصحاري والبوادي ضمن المنطقة العربية. بالتالي، لفهم معنى واضربوهن الواردة في تلك الآية لا بد لنا من دراسة كلمة ضرب من خلال ذات القرآن على اعتبار أن القرآن نزل بلسان قوم الرسول عليه الصلاة والسلام، الذي كان يدعى قبيلة قريش، والتي كانت كما نعلم تقطن مكة وماحولها في زمن نزول الوحي، وتلك هي سنة الله في رسالاته.
( وما أرسنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم...*) 4-14.
وكما نعلم جميعا اليوم، فإن لسان كل مدينة عربية تختلف عن لسان المدن الأخرى المجاورة لها، أقصد باللهجة الإختلاف بطريقة اللفظ مع اختلاف في معاني بعض الكلمات كاختلااف اللسان الحلبي، مثلا، عن الشامي وعن الساحلي وعن الديري وعن الحوراني وعن الدرزي في بلد واحد مثل سورية العربية. كذلك الأمر إذا دخلنا باقي البلدان العربية فاللهجات تختلف كما أن أسماء الأشياء تختلف أيضا بحسب اختلاف تلك اللهجات.
الآن، بعد هذه المقدمة السريعة، أحب من القارئ الكريم أن يدرك على أن كلمة ضرب، حسب اللهجة القرشية، ليس بالضرورة أن تعني نفس المعنى باللهجة الغسانية أو الحميرية أو الشمرية. بالتالي إذا اعتمدنا لفهم معنى ضرب على القواميس الجامعة لكل الألسنة العربية، نكون قد أسأنا الإختيار، ولن نصل إلى أي حقيقة، بالتالي علينا أن نبحث عن معنى الكلمة في نفس آيات القرآن. للوصول إلى حقيقة معني كلمة ضرب القرشية جمعت كل الآيات القرآنية التي ورد فيها كلمة ضرب أو إحدى مشتقاتها فوجدتها تحصى في القرآن :57 كلمة، في آيات سور القرآن.
بعدها وضعت تلك الآيات في رتل واحد ( طابور) لأعلم معنى كلمة ضرب بحسب لسان قريش، دهشت لما اكتشفت من حقائق، وكي لا أطيل الموضوع أقول: لم أجد في كل مشتقات كلمات ضرب القرآنية أي معنى يشير إلى معنى التعدي الجسدي بالإيلام الحسي المباشر على جلد الإنسان إلا بكلمة جلد، كما وردت مثلا في الآية:
( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ...*) 2-20.
أما قولنا اليوم مثلا: ضرب الأستاذ التلميذ المقصر في دروسه بالعصى على يديه أو على قدميه، هذا المعنى لكلمة ضرب لم أجدها في آيات القرآن. والآن لا بأس أن نستعرض معا المعاني التي وجدتها لكلمات ضرب ومشتقاتها في القرآن الكريم ليصبح ما كان غائبا عن فكرنا واضحا ومفهوما، حيث نجد مثلا عشرات الأمثلة وردت بمعنى ضرب الأمثال، كقوله سبحانه:
( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة...*) 24- 14.
وأحيانا نجدها قد وردت موجهة للمؤمنين من أصحاب الرسول الكريم بمعنى: إذا خرجتم وسرتم في الأرض بأمر الله لتبلغوا الناس برسالة الرحمن، في قوله تعالى:
( ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا...*) 94-4.
ومثلها مثلا قوله تعالى:
( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة...*) 101-4.
وأحيانا تأتي بصيغة إشارة حركية من الرسول لظهور معجزة سماوية كقوله تعالى لموسى أثناء سفره في صحراء سيناء مع قومه الذين كادوا أن يموتوا من العطش فأوحى له سبحانه أن يضرب بعصاه الحجر ليس بمعنى العقوبة الجسدية وإنما كرمز لظهور معجزة سماوية:
(وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ...*) 60-2.
وأحيانا تأتي بمعنى فرضت كقوله تعالى:
( وضربت عليكم الذلة والمسكنة...*) 61-2.
ونحن نقول اليوم مثلا بعد أن نصل في رحلتنا إلى واحة اضربوا الخيام لنستريح من عناء السفر قاصدين بكلمة الضرب هنا أتت بمعنى الأمر بنصبها. وأحيانا قد تأتي في القرآن بمعنى أقام أو أشاد كما في قوله تعالى: ( فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة...) 13- 57. وأحيانا تأتي بمعنى التسديد على هدف محدد من جسد المقاتل الخصم لتعطيله وإخراجه من صفوف المقاتلين وذلك بالتسديد على رأسه أوالتسديد بالسيف على أصابعه كقوله تعالى:
( فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان*) 12-8.
كما تأتي أحيانا بمعنى الإضراب عن الشيئ، كالإضراب عن الطعام مثلا في السجون أحتجاجا على مظلمة ما، أو الإضراب عن العمل تعبيرا عن سوء المعاملة أو قلة الأجور. وقد تكون بمعنى التجاهل والإضراب عن مجالسة شخص ما والحديث معه للتعبير عن غضب أو سخط أو عدم رضى عن تصرفات الآخر، كما وردت في الآية التي معنا من سورة النساء: ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا...*) 34- 4.
حيث أتت كلمة ( واضربوهن ) هنا بمعنى الإضراب عن الكلام أو السلام كإعلان للمخاصمة، حتى تكون بمثابة عقوبة رادعة للمرأة التي أخطأت خطءا جسيما في حق زوجها.واليوم نستخدم عبارة المضاربة في سوق المال، وهذا نوع جديد من استخدامات كلمة ضرب. وهكذا نكتشف كما رأينا أن الذي يقرر معنى الكلمات في أي لغة ليست مجرد أحرف الكلمة نفسها بل سياقها في النص. وأنا شخصيا نادرا ما ألجأ إلى قاموس للغة العربية لمعرفة معنى كلمة في القرآن، بل أتبع نفس هذا الأسلوب الذي اتبعته لمعرفة معنى كلمة ضرب ومشتقاتها.
هذا لأني اكتشفت مع التجربة والممارسة أن اللجوء إلى قواميس اللغة أو حتى كتب المفسرين قد يضل الباحث عن المعنى الحقيقي المقصود في النص، والله هو المعين وهو المستعان دائما لكل المؤمنين الصادقين الباحثين عن الحق الذي في كتاب الله العظيم. فكم من الرجال ظلموا نساءهم كما ظلموا أنفسهم وهم يظنون أن معهم تصريح من الله تعالى يسمح لهم بجلد نسائهم أو صفعهن أو ركلهن. بالمناسبة، حتى أن كلمة : strike باللغة الإنكليزية تأتي بمعنيين: بمعنى ضرب طابة البيس بول بالمضرب. وكما تأتي أيضا بمعنى الإضراب والتظاهر كوسيلة تعبير سلمية عن مظلمة ما.

ضرب الزوجة في القرآن . . . . فهم آخر


دار حولها الحوار في العصر الحديث قوله تعالى { وَاضْرِبُوهُنَّ } ( النساء : من الآية34 ) ، وفهم الناس أن معنى ذلك حق الزوج في ضرب زوجته بالمعنى الدارج والشائع لمفهوم الضرب
- وقد أدى هذا الفهم الخاطئ للأمر الإلهي إلى التناقض بين هذا الأمر والهدي النبوي في معاملة المرأة ، ومن أغرب ما شاهدت وسمعت هذا الدكتور في إحدى الفضائيات العربية الذي يقول إنني أوجع زوجتي ضرباً امتثالاً للأمر الإلهي ، والمعلوم أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يضرب زوجة من زوجاته قط ، وأنه قال : ( خيركم من لا يضرب ) وعندما حدث خلاف كبير بين الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونسائه لم يضرب واحدة منهن ، بل ترك لهن الحُجُرات واعتكف في المسجد .
- وقد نشرت مجلة إسلامية المعرفة في العدد الرابع والعشرين الصادر في ( 2001م ) بحثاً قيماً في هذا الموضوع خلص الباحث فيه إلى أن الضرب الوارد في معالجة الخلاف ليس بمعنى الإيلام البدني والضرب الذي فهمه الناس ، ولكن معناه ترك بيت الزوجية من جانب الرجل ، والبعد الكامل عن الدار كوسيلة لتمكين الزوجة الناشز من إدراك مآل سلوك النشوز والتقصير والنفور في الحياة الزوجية ليوضح لها أن ذلك لا بد أن ينتهي إلى الفراق والطلاق وكل ما يترتب عليه من آثار خطيرة خاصة إذا كان بينهما أطفال .
فإذا خاف الزوج نشوز زوجته عالج ذلك بطريقة متميزة رفيعة المستوى ، حيث يبدأ وعظها وبيان خطورة طريق النشوز ثم عليه إن لم تمتثل أن يهجرها في المضجع فإن لم يصلح الهجر في المضجع يأتي الهجر الكلي في البيت ، ( أو ترك البيت للزوجة وخروج الرجل منه كما فعل المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) .
فإن معنى الترك والمفارقة في قوله تعالى { وَاضْرِبُوهُنَّ } أولى عن معنى الضرب أي الأذى الجسدي والقهر والإذلال النفسي ، لأن ذلك ليس من طبيعة العلاقة الزوجية الكريمة ، ولا من طبيعة علاقة الكرامة الإنسانية ، وليس سبيلاً مفهوماً إلى تحقيق المودة والرحمة والولاء والسكن واللباس بين الأزواج .
- والفهم المقاصدي المتناسق مع المقاصد العامة لعلاج النشوز وخطواته ، والمقاصد الشرعية من الحياة الزوجية تؤيده السنة النبوية المطهرة الفعلية حين فارق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم منازل نسائه واعتزلهن مدة شهر ليدركن النتائج المترتبة على العصيان دون أن يلجأ صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أي شيء من اللطم أو الإهانة ، أو الضرب كما فهم هذا الدكتور الذي يشفي حاجة في نفسه تحت غطاء تطبيق أمر الله بضرب زوجته وإيلامها .
- وهذا الفهم المقاصدي فتح غاب عن الرجال سابقاً لأنهم يرون أن الضرب بمعنى الإيلام الجسدي يحقق لهم أهدافا ذاتية ويشبع رغباتهم النفسية والبدنية والاجتماعية التي غلفوها بهذا الفهم الخاطئ لمعنى الضرب في قوله تعالى { وَاضْرِبُوهُنَّ }
- وقد أحصى الباحث وجوه المعاني التي جاء فيها لفظ ( الضرب ) ومشتقاته في القرآن الكريم فوجدها ستة عشر وجهاً كما يلي :
1- { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا } [النحل : 76]

2- { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ } [النساء : 101]
3 - { فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا } [الكهف : 11]
4 - { أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ } [الزخرف : 5]
5- { كذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ } [الرعد : 17]
6- { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } [النور : 31]
7- { أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا } [ط-ه : 77]
8- { فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } [الأنفال : 12]
9- { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ } [البقرة : 61]
10- { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ } [ص : 44]
11- { فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ } [محمد : 4]
12- { فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ } [الحديد : 13]
13- { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } [النور : 31]
14- { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } [محمد : 27]
15- { فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ } [البقرة : 60]
16- { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ } [الصافات : 93]
- فإذا أمعنا النظر في الآيات السابقة نجد أن معنى الضرب فيها : العزل ، والمفارقة والإبعاد ، والترك
- فالشيء يضرب مثلا : أي يستخلص ويميز حتى يصبح جلياً واضحاً .
-والضرب في الأرض هو السفر والمفارقة .
- والضرب على الأذن : هو منعها من السماع .
- وضرب الصفح عن الذكر : هو الإبعاد والإهمال والترك .
- وضرب الحق والباطل تمييزهما وتجليتهما مثلاً .
- وضرب الخُمُر على الجيوب : هو ستر الصدر ومنعه من الرؤية .
- وضرب الطريق في البحر : شق ودفع الماء جانباً .
- والضرب بالسور بينهم : عزلهم ومنعهم عن بعضهم بعضاً .
- وضرب الذل والمسكنة عليهم : نزولهما بهم .
- وضرب الأعناق والبنان : بترها وفصلها ، وأبعادها عن الجسد .
- أما باقي ما ورد من كلمة ( الضرب ) ومشتقاتها فيما سبق من ضرب الأرجل ، والوجوه ، وضرب الحجر ، وضرب الضغث ، وضرب الأصنام باليمين ، فهي بمعنى دفع الشيء بقوة وخبطة ولطمه .
- وهكذا فإن عامة معاني كلمة ( الضرب ) في السياق القرآني هي بمعنى العزل والمفارقة والإبعاد والدفع .
- فما هو المعنى المناسب لكلمة الضرب في سياق فض النزاع بين الزوجين واستعادة روح ### غير مفهوم هذه الجملة ### في قوله تعالى { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا &وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } [النساء : 34- 35] .
- والمعنى المناسب للضرب هنا هو الإصلاح والوفاق هو الهجر في البيت بعد الهجر في المضجع .
- ويلاحظ أن القرآن الكريم لم يعبر بلفظ ( الضرب ) ولكن عبر بلفظ الجلد ( بفتح الجيم وتسكني اللام ) حين قصد إلى الأذى الجسدي بقصد العقاب أو التأديب كما في قوله تعالى : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ } [النور : 2] وذلك من الجلد ( بكسر الجيم وتسكين اللام ) لأنه موضع الإحساس بالأذى والألم الخارجي ، وهو المقصود بالضرب .
- البحث مُدلل بالأدلة العلمية الشرعية على أن الفهم السائد بين الناس لكلمة الضرب للزوجة في القرآن الكريم لا يتناسب مع سياق العلاج والمودة والرحمة ومقاصد الشريعة الإسلامية من الحياة الزوجية .
وهذا فتح جديد يحل إشكالية كبرى لمعاملة الزوجة في الإسلام .
- هذا البحث يجب أن يوضع في مكتبات جمعيات المرأة ، ومقاومة العنف ضد المرأة لتوضيح الفهم الصحيح لضرب الزوجة في القرآن الكريم ، وإزالة أهم الشُّبه التي يثيرها الجاهلون والمرجفون حلول الإسلام ، وتصحيح الفهم الخاطئ الذي ساد بين الرجال عن ضرب الزوجات ، وهناك العديد من الأحاديث التي ساقها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النهي عن ضرب المرأة وتقبيح هذا الفعل لا يتسع المجال لعرضها وشرحها خاصة أن معظمها معلوم لمعظم الناس .
د . نظمي خليل أتو العطا
الأسرة والمجتمع - أخبار الخليج - العدد ( 9806 ) الخميس 17ذي الحجة 1425ه- - 27يناير 2005م

في معنى كلمة " واضربوهن" في الآية 34 النساء


في معنى
كلمة " واضربوهن" في الآية 34 النساء

أ / أحمد عبد الهادي الصغير


قال تعالى: { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا } الآية 34 النساء


قبل دراسة هذه الآية أوضّح أنني مقتنع مئة بالمئة أنه لا يوجد أي تناقض بين أحكام القرآن والأحاديث الصحيحة للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام . فهل هناك حديث صحيح يسمح بضرب المرأة ؟ أخرج البخاري 5 / 1997 الحديث رقم 4908 , ومسلم 4 /2191 / 2855 , وابن حبان 9/ 500 , 501 الحديث رقم 4190 , والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 305 الحديث رقم 14557 عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم .
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه 9 /442الحديث 17944من طريق معمر عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد يضربها أول النهار ثم يجامعها آخره.

وعن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تضربوا إماء الله .

هذه أحاديث صحيحة ومقنعة تنهى عن ضرب المرأة . ولم ترد أية رواية تقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب إحدى نسائه أو حتى أحد الخدم أو العبيد. وليسمح لي القارىء أن أورد بعض الأحاديث الضعيفة وأناقشها:

روى الترمذي وصححه عن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا ًغير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا. ( هذا الحديث ينسب إلى أن الرسول الكريم قاله في حجة الوداع أي أن الإسلام قد اكتمل. والفاحشة المبينة عقابها في الإسلام إقامة الحد وليس الهجر والضرب غير المبرح )

أخرج أبو داوود وابن ماجه والدارمي والحميدي عن عبيد الله بن عبد الله عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب واخرج ابن سعد والبيهقي عن أم كلثوم بنت الصديق رضي الله عنه هذه الرواية :

كان الرجال نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلّى بينهم وبين ضربهن ثم قال : ولن يُضرب خياركم . ( ما أظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي تفويضاً غير مشروط بضرب الرجال لنسائهم ويصدر حكماً مسبقاً بأن المرأة التي تُضرب تستحق الضرب وأنها ليست من خيار النساء . )

ذكر اسماعيل بن اسحق قال: حدثنا حجاج بن المنهال وعارم بن الفضل قال حدثنا جرير بن حازم قال : سمعت الحسن يقول: إن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجي لطم وجهي . فقال : بينكما القصاص فأنزل الله تعالى: " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه" . وأمسك النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت الآية : " الرجال قوامون على النساء" .

وقال أبو روق إن هذه المرأة هي جميلة بنت أبي وزوجها ثابت بن قيس بن شماس . وقال الكلبي إن هذه المرأة هي عميرة بنت محمد بن مسلمة وزوجها سعد بن الربيع. ان هذه الرواية تقول إن الرسول الكريم حين سمع من المرأة أن زوجها لطمها قال: بينكما القصاص.

أولاً : الرسول رجل عاقل وعادل ويعرف شريعة الله التي نزلت عليه , وليس أحمقاً يتسرع في إصدار الأحكام .

ثانياً : هل فوراً نزل الوحي على الرسول ونزلت الآية __ ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه _ ؟ وكأنها تقول للرسول لا تصدر حكما وانتظر حتى تتبلغ الحكم من السماء! ولماذا لم يتبلغ الحكم مباشرة من السماء ؟ هل الرب سبحانه بحاجة إلى مهلة ليدرس الموضوع ويصدر الحكم؟
ثالثاً : هذه الرواية تقول إن الرسول أصدر حكماً وإن السماء أبلغته أن حكمه باطل . وهذا شيء مستبعد لأن للرسول (ص) مكانةً عند الله . والشرائع السماوية والأرضية تقضي أن الرسل تتحدث باسم الجهات التي أرسلتهم.
عندما أذن الرسول لبعض المنافقين أن يتخلّفوا عن القتال جاء الخطاب من السماء: _ عفا الله عنك لِمَ أذنت لهم- .
وحين وافق الرسول صلى الله عليه وسلم على أخذ الفدية من أسرى بدر لم يطلب منه الله عز وجل إلغاء قراره وإنما عاتبه: - ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض _ . وفي قصة خولة بنت ثعلبة التي أفتى لها الرسول صلى الله عليه وسلم أن الظهار هو طلاق , أنزل الله نصاً صريحاً في الآية بهذا الشأن - لقد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله _ .

رابعاً : معنى هذه الرواية أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة التي لطمها زوجها: إن الله لا علاقة له بما بينك وبين زوجك. ومن حقه أن يضربك ولا يسأله الله عن ذلك . فاذهبي عنا. هل هذا معقول؟
ولذلك أستبعد صحة هذه الرواية . فإن القوامة من الرجل على المرأة مسؤولية وليست سلطة مطلقة).
إذن لم يسمح الرسول صلى الله عليه وسلم بضرب المرأة . والآن إلى موضوع هذه الآية 34 النساء :
هذه الآية تقول : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن . المرأة لم تنشز بعد . ولكن إذا لمس الرجل عند زوجته بداية أو استعداداً للنفور والنشوز فعليه توعيتها وموعظتها , والخطوة الثانية أن يمتحن مكانته عندها فيظهر الجفاء ويهجرها مع بقائه إلى جانبها في الفراش . والخطوة الثالثة عبّر عنها القرآن بكلمة " واضربوهن " . فماذا تعني هذه الكلمة ؟ هل تعني الضرب باليد أو العصا ؟ إنها لم تنشز بعد . هل يضربها على ذنب لم ترتكبه بعد ؟ ماذا تعني هذه الكلمة ؟ إن قائلهاهو الله الذي لا يخطىء لا في التقدير ولا في التعبير .
الفعل "ضرب" هو من أفعال الأضداد. ضرب في الأرض أي سافر. ضرب بنفسه الأرض أي أقام. ومضارب القوم أي خيامهم واماكن إقامتهم. ضرب تعني الضرب المعروف باليد أو العصا. وضرب الفحل الناقة أي نكحها. وهنالك مثل يقول : ضراب الفحل من السحت أي تقاضي ثمن ضراب الجمل للناقة محرّم . إذن : ضربَ الرجل المرأة تحمل المعنى وضده . تعني الضرب باليد أو العصا , وتعني التودد والتقرّب والمغازلة . نعود إلى الآية موضوع البحث فيتضح لنا المعنى جليّاً : واللاتي تخافون نشوزهن فإن الخطوة الأولى : الموعظة . الخطوة الثانية : الجفاء ( اهجروهن في المضاجع ) . الخطوة الثالثة : ( اضربوهن ) أي توددوا إليهن وأظهروا لهن المودة والغزل . هذا هو المعنى الذي يستقيم مع التحليل اللغوي ومع سياق الآية ومع المنطق السليم . والذي فهمه الرسول صلى الله عليه سلم , حين قال : خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي .
ومن مشتقات الفعل ضرب ما يتناسب مع معنى ضرب الوارد في الآية : ضرب القلب: أي خفق ونبض. ضرب خاتماً من الذهب أي صاغه . ضرب الدرهم : أي طبعه. ضرب الوتد: أي ثبته في الأرض .
والتوثيق الرقمي في القرآن يدعم المعنى بأن كلمة واضربوهن في الآية 34 النساء تقابل كلمة المعروف الواردة في الآية 19 النساء حيث قال تعالى: { وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا} .


الثلاثاء، 10 يناير 2012

هل صحيح أن الإسلام ضد حرية الاعتقاد ؟


رد من برنامج الازهر
هل صحيح أن الإسلام ضد حرية الاعتقاد ؟
الرد على الشبهة:

إكراه فى الدين )
(1). فلا يجوز إرغام أحد على ترك دينه واعتناق دين آخر. فحرية الإنسان
فى اختيار دينه هى أساس الاعتقاد. ومن هنا كان تأكيد القرآن على ذلك تأكيدًا لا يقبل التأويل
فى قوله: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) 

(2).

لليهود بأنهم يشكلون مع المسلمين أمة واحدة.
ومن منطلق الحرية الدينية التى يضمنها الإسلام كان إعطاء الخليفة الثانى عمر بن الخطاب
للمسيحيين من سكان القدس الأمان " على حياتهم وكنائسهم وصلبانهم ، لا يضار أحد منهم


ولا يرغم بسبب دينه ".

أو السخرية من الآخرين. وفى ذلك يقول القرآن: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن ) (3). وعلى أساس من هذه المبادئ السمحة ينبغى أن
يكون الحوار بين المسلمين وغير المسلمين ، وقد وجه القرآن هذه الدعوة إلى الحوار إلى
أهل الكتاب فقال: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا
نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله * فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون
) (4). ومعنى هذا أن الحوار إذا لم يصل إلى نتيجة فلكل دينه الذى يقتنع به. وهذا ما عبرت
عنه أيضًا الآية الأخيرة من سورة (الكافرون) التى ختمت بقوله تعالى للمشركين على لسان
محمد صلى الله عليه وسلم: (لكم دينكم ولى دين ) (5).

على مجرد التقليد أو الإرغام. وكل فرد حر فى أن يعتقد ما يشاء وأن يتبنى لنفسه من الأفكار
ما يريد ، حتى ولو كان ما يعتقده أفكارًا إلحادية. فلا يستطيع أحد أن يمنعه من ذلك طالما
أنه يحتفظ بهذه الأفكار لنفسه ولا يؤذى بها أحدًا من الناس. أما إذا حاول نشر هذه الأفكار
التى تتناقض مع معتقدات الناس ، وتتعارض مع قيمهم التى يدينون لها بالولاء ، فإنه بذلك
يكون قد اعتدى على النظام العام للدولة بإثارة الفتنة والشكوك فى نفوس الناس. وأى إنسان
يعتدى على النظام العام للدولة فى أى أمة من الأمم يتعرض للعقاب ، وقد يصل الأمر فى
ذلك إلى حد تهمة الخيانة العظمى التى تعاقب عليها معظم الدول بالقتل. فقتل المرتد فى الشريعة
الإسلامية ليس لأنه ارتد فقط ولكن لإثارته الفتنة والبلبلة وتعكير النظام العام فى الدولة الإسلامية.
أما إذا ارتد بينه وبين نفسه دون أن ينشر ذلك بين الناس ويثير الشكوك فى نفوسهم فلا يستطيع
أحد أن يتعرض له بسوء ، فالله وحده هو المطلع على ماتخفى الصدور.
وقد ذهب بعض العلماء المحدثين إلى أن عقاب المرتد ليس فى الدنيا وإنما فى الآخرة ،
وأن ما حدث من قتل للمرتدين فى الإسلام بناء على بعض الأحاديث النبوية فإنه لم يكن بسبب
الارتداد وحده ، وإنما بسبب محاربة هؤلاء المرتدين للإسلام والمسلمين (6). 
(1) البقرة: 256.
(2) الكهف: 29.
(3) النحل: 125.
(4) آل عمران: 64.
(5) الكافرون: 6.
(6) راجع: الحرية الدينية فى الإسلام للشيخ عبد المتعال الصعيدى ص 3،72، 73، 88
ـ دار الفكر العربى ـ الطبعة الثانية (دون تاريخ

السبت، 7 يناير 2012

الشيخ الغامدي : هذه أدلة خصوصية الحجاب بأمهات المؤمنين

الشيخ الغامدي: هذه أدلة خصوصية الحجاب بأمهات المؤمنين
المدير العام لفروع هيئة الأمر بالمعروف في مكة المكرمة

حظيت المقابلة الأخيرة لـ"لعربية.نت" مع الشيخ الدكتور أحمد الغامدي المدير العام لفروع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة بمتابعة غير مسبوقة من قبل قراء "العربية.نت" الذين كانت مداخلاتهم تخلق العديد من مكامن العمق حول بعض من الإجابات، وتستحضر أسئلة غائبة ومهمة، كانت بحاجة لاستيضاحها من قبل الدكتور الغامدي.
ردود الفعل التي صاحبت الحوار، وجعلها تتناقل في الأوساط السعودية والعربية بشكل واسع النطاق، كان لها ما يبررها لكونه تطرق لأمور كانت حتى وقت قريب ماضي من المواضيع الشائكة والحساسة التي يحرص الكثيرون على عدم الخوض فيها أو الإقتراب منها.
الحجاب والخمار والجلباب
"العربية. نت" حملت تلك الأسئلة إلى الشيخ أحمد الغامدي حيث أجاب عليها بالإيضاحات التالية والتي خص بها قراء "العربية.نت" حيث أوضح في هذا الجزء من الردود التأكيد على خصوصية الحجاب بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن، والخلط بين الحجاب والخمار والجلباب، ووضوء النساء مع الرجال وغير ذلك مما أثاره القراء.
*- يورد أحدهم آية الحجاب ويتساءل: يعني الآن يا شيخ أحمد أن نساء المؤمنين المقصود بهن أزواج النبي (أمهات المؤمنين) ماذا يعني لفظ بناتك ونساء المؤمنين في الآية؟ (الآية للتوضيح) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رحيما". وما هو الفرق بين الحجاب والجلباب والخمار؟
-من الملاحظ أن هناك خلطا شائعا بين معاني الحجاب والخمار والجلباب، حتى إن كلمة الحجاب أصبحت تطلق على هذه المفاهيم الثلاثة دون تفريق. وقد جاء ذكر هذه الألفاظ الثلاثة في القرآن الكريم في ثلاث آيات، آيتان في سورة النور، وآية في سورة الأحزاب، وكل لفظ مختلف تماماً عن الآخر.
فالخمار: هو ما يُغطى به رأس المرأة وعنقها وفتحة قميصها وهو واجب على عامة نساء المؤمنين لقوله تعالى (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءابائهن.......الآية ) سورة النور(31) فالآية صريحة في إيجابه على عامة النساء.
والضرب: هو الوضع الممكن، والجيب: هو فتحة القميص مما يلي الرقبة. والمعنى ليشددن وضع الخمر على الجيوب، حتى لا يظهر شيء من بشرة العنق أو النحر والصدر وقوله تعالى (إلا ما ظهر منها) يعني الوجه والكفين كما قال به جمهور الأئمة من الفقهاء والمفسرين.
أما الجلباب: فهو ما يغطي بدن المرأة مما يوضع على رأسها ويتدلى جانباه وينسدل سائره على كتفيها وظهرها إلى أسفلها عند الخروج، وهو واجب كذلك على عامة نساء المؤمنين لقوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) سورة الأحزاب (59).
أما الحجاب: فهو كل ما حال بين شيئين كالستر ونحوه وهو واجب على أمهات المؤمنين خاصة لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما) سورة الأحزاب (53).
الحجاب لأمهات المؤمنين
قال الطاهر بن عاشور: وبهذه الآية مع الآية التي تقدمتها من قوله (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) تحقق معنى الحجاب لأمهات المؤمنين المركب من ملازمتهن بيوتهن وعدم ظهور شيء من ذواتهن حتى الوجه والكفين، وهو حجاب خاص بهن لا يجب على غيرهن، وكان المسلمون يقتدون بأمهات المؤمنين ورعا وهم متفاوتون في ذلك على حسب العادات.
فنص الآية وسببها وسياقها وغايتها كل ذلك دال على أنها خاصة بأمهات المؤمنين وليست عامة للنساء. أما سبب النزول ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: (لما أهديت زينب بنت جحش رضي الله عنها إلى الرسول وكانت معه في البيت، صنع طعاما ودعا القوم فقعدوا يتحدثون فجعل النبي يخرج ثم يرجع وهم قعود يتحدثون.. إلى أن قال فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي..) فنزلت آية الحجاب و زاد "مسلم": (وحجبن نساء النبي). فأنظر إلى قوله: (وحجبن نساء النبي) فلا يدخل في ذلك باقي النساء.
ويؤكد ذلك ماجاء في الصحيح من أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب. وعن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: (وافقت ربي في ثلاث: قلت يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، وقلت: يا رسول الله، إنه يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب.. الحديث).
وقد أكد الإمام ابن حجر خصوصية الرسول "صلى الله عليه وسلم" عن بني البشر، بقوله: وفي الحديث - يقصد حديث نزول آية الحجاب - من الفوائد مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين. قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به - يقصد أزواج النبي "صلى الله عليه وسلم" - فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين.. والحاصل أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، حتى صرح بقوله للرسول صلى الله عليه وسلم "احجب نساءك". وقال له عمر: يا رسول الله لو اتخذت حجاباً، فإن نساءك لسن كسائر النساء، وذلك أطهر لقلوبهن.
وهذا يؤكد قصر اللفظ على مسببه والمسبب هنا هو إحدى أمهات المؤمنين فالأمر بالحجاب خاص بهن لأن الله جعل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين وهي "أمومة شرعية" لا تكوينية ولأنه لا توجد بين نساء النبي والمسلمين تلك النفرة الفطرية التي توجد بين الرجل وأمه، فرض الله عليهن الحجاب، ليلقي في روع الرجال مهابتهن وأمومتهن، وتتسامى نفوس الطرفين عن الميل الفطري الذي يكون بين الرجل والمرأة. فأمومة نساء النبي أمومة جعلية شرعية في نفوس المسلمين لا تكوينية.
ويتأيد هذا بأن الله جل وعلا استثنى محارم نساء النبي صلى الله عليه وسلم من الاحتجاب الخاص بأمهات المؤمنين وذلك في قوله: (لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن) بينما استثنى محارم نساء المؤمنين من إخفاء الزينة الباطنة وهو أمر يعم جميع النساء وذلك في قوله جل شأنه: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن).
كما يؤكده أيضا أن هذه الآية - أي آية الحجاب - خاصة بأمهات المؤمنين لكونه لم يذكر "بعولتهن" فيها بينما ورد ذكر ذلك في آية سورة النور - حيث الخطاب فيها لعامة النساء - ولكل واحدة (بعل)، أما في حال أمهات المؤمنين - فالحجاب خاص بهن - فلا مجال لذكر (بعولتهن) فيها لأنهن جميعاً ليس لهن إلا بعل واحد وهو النبي صلى الله عليه وسلم. ولأنه لن يكون بينهن وبين الرجال، تلك النفرة الفطرية بين الولد وأمه فأراد الله أن يحولهن إلى "ذوات مجردة" غير متماسة مع "الناس" ليلقي هذا في روع الناس مهابتهن وأمومتهن.
وهذا يؤكده الغاية المنوه عنها بقوله تبارك وتعالى: "يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معرفا وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا) فالآية تبين أنهن لسن كغيرهن من النساء في الفضل وفي الأحكام وأن الغاية تطهير أهل بيته عليه السلام وهم طاهرون.
قال الطاهر بن عاشور: هذا أمر خصصن به وهو وجوب ملازمتهن بيوتهن توقيرا لهن، وتقوية في حرمتهن، فقرارهن في بيوتهن عبادة، ونزول الوحي فيها وتردد النبي - صلى الله عليه وسلم - خلالها يكسبها حرمة. إلى أن قال رحمه الله وهذا الحكم وجوب على أمهات المؤمنين وهو كمال لسائر النساء، وهذا قول عامة أهل العلم.
فهم كبار الصحابة
وكون الحجاب خاص بأمهات المؤمنين هو ما فهمه كبار الصحابة، كما جاء في الصحيحين، في قصة زواجه من صفية حين قال الناس "إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه" متفق عليه.
وجاء في صحيح البخاري عن عبد الرحمن بن عوف، قال: «أرسلني عمر وعثمان بأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان عثمان يسير أمامهن فلا يترك أحداً يدنو منهن ولا يراهن إلا من مد البصر، وينزلان في فيء الشعب ولا يتركان أحداً يمر عليهن». وفي رواية الوليد بن عطاء قال: «كان عثمان ينادي، ألا يدنو إليهن أحد ولا ينظر إليهن أحد».. الحديث.
ويؤكد ما تقدم أن الله لم يذكر نساء المؤمنين في آية الحجاب وقصر الخطاب فيها على أمهات المؤمنين بينما ذكر نساء المؤمنين في الأمر بالجلابيب بقوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) ولو كان أمر أمهات المؤمنين كافيا في امتثال نساء المؤمنين لاكتفى به كما قيل إنه اكتفى به في آية الحجاب.
فإن قيل إنما ذكرن "تأكيداً".. قلنا: فلماذا أكد في آية الجلابيب، ولم يؤكد في آية الحجاب؟!..
وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يفرق بين "حجاب أمهات المؤمنين" وباقي النساء. قال الأثرم: قلت لأبي عبدالله (يعني أحمد بن حنبل) كأن حديث نبهان: "أفعمياوان أنتما" لأزواج النبي "خاصة"، وحديث فاطمة بنت قيس "اعتدّي عند ابن أم مكتوم" لسائر النساء؟ قال: نعم. أنظر "المغنى" لابن قدامة 7/28.
تأكيد خصوصية الحجاب لأمهات المؤمنين
ويؤكد خصوصية "الحجاب" بأمهات المؤمنين أن الإذن لنساء النبي في "الجهاد" كان قبل الحجاب ثم منعن بعده كما جاء في الصحيحين من حديث أنس: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهما.
وكان هذا في معركة "أحد" قبل الحجاب. أما بعد نزول آية "الحجاب" فلم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه بالجهاد.
فعن عائشة رضي الله عنه قالت: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال: جهادكن الحج، بينما استمر جهاد باقي النساء. ويؤيد ذلك ما جاء في صحيح "مسلم" عن أنس: أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجراً، فقال لها الرسول: ما هذا الخنجر؟ قالت: اتخذته إن دنا مني أحد المشركين بقرت به بطنه..!
ومعركة "حنين" كانت بعد الحجاب، ومن آخر معارك الرسول صلى الله عليه وسلم! ونحوه ما رواه أنسٍ، عن أمِّ حرامٍ ـ رضي الله عنها ـ وهي خالةُ أنسٍ، قالت: (أتانا رسولُ الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يوماً فقالَ عندنا، فاستيقظ وهو يضحكُ، فقلتُ: ما يضحكك يا رسولَ الله، بأبي أنت وأمي؟ قال: ناسٌ من أمتي يركبون البحرَ، [وفي رواية: ناس من أمتي عُرِضوا علَيّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر] كالملوكِ على الأسِرّة في سبيلِ الله، فقلتُ: ادعُ الله أن يجعلَني منهم، فقال: أنتِ منهم. قال: فتزوجها عبادةُ بنُ الصامتِ بعدُ، فغزا البحرَ فحملها معه، فلما أن جاءت قُرِّبت لها بغلةٌ، فركبتْها، فصرعتْها، فاندقّتْ عنقُها!
فهذه الصحابية تمنت أن يدعو لها صلى الله عليه وسلم فلم يُنكر ذلك عليها، ولم يقل لها: إنك تُعَرّضين نفسك للفساد ، وبيتُك خير لك، فقرّي في بيتِك، بل دعا لها، وبشّرها بهذه الأمنية وتحققت أمنيتها بعد وفاته عليه السلام في زمن معاوية رضي الله عنه.
الجواب على وضوء النساء مع الرجال
*- ما هو جوابكم عما اعترض به على حديث وضوء النساء مع الرجال وأن ذلك كان خاصا بالمحارم، أو أنهم كانوا يتوضؤن تباعا وليس اجتماعا أو أنه قبل الحجاب، وهو منسوخ بالحجاب.
ـ الجواب عن بعض اعتراضاتهم على ما أخرجه البخاري من طريق مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: "كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله جميعاً".
ورواه أبو داود من طريق حماد عن أيوب عن نافع، بزيادة: من الإناء الواحد جميعا.
ومن طريق عبيد الله عن نافع، بلفظ: كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد ندلي فيه أيدينا.
فالجواب عن الاعتراض الأول: أن هذا خاص بالمحارم. وهذا الاعتراض لا يصح لسببين:
1- دلالة السياق اللغوية في قوله (الرجال والنساء) فإن "أل" هنا (للجنس) تفيد العموم والاستغراق للجنس. وقوله (نحن والنساء) دليل ذلك، فلم يقل نحن ونساءنا..!
2- أن ما صح عن أم صبية رضي الله عنها قالت: اختلفت يدي ويد رسول الله في الوضوء من إناء واحد. قال العراقي في طرح التثريب: وليست أم صبية هذه زوجة ولا محرما.
فهاتان قرينتان إحداهما لغوية والأخرى شرعية وكلتاهما تدل على (العموم) مع عدم الدليل على التخصيص.
أما جواب الاعتراض الثاني: أن الرجال كانوا يتوضأون ثم النساء. وهو اعتراض لا يصح لقوله ( جميعاً) والجميع ضد المتفرق..! وقد وقع مصرحا بوحدة الإناء في صحيح ابن خزيمة في هذا الحديث، من طريق معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أنه أبصر النبي وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهر منه. وواو العطف في قول أم صبية رضي الله عنها (اختلفت يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم) تفيد مطلق الجمع والاشتراك بين المعطوف وما عطف عليه، وهي في الأصل لا تفيد التعاقب أو الترتيب. وهذا كله يرد دعوى أن الحكم خاص (بالمحارم)..!
الاعتراض الثالث: أن هذا كان قبل الحجاب، وهذا اعتراض لا يصح لأمرين:
الأول: أن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين كما تقدم.
الثاني : أن في قوله ( في زمن النبي) دليل على سريانه طيلة عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان قبل الحجاب، لقال: ثم منعوا من ذلك، فإن تأخير البيان عن وقته لا يجوز. ولا يخفى هذا على صحابي جليل فقيه حريص على التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ابن عمر..!
فهذا النص صحيح وصريح ودلالته واضحة جدا على إباحة الاختلاط.
*- هل هناك من قال من سلف الأمة بما يدل على هذا القول الذي قلت به؟
-لم تكن مسألة الاختلاط بهذا المعنى المتأخر محل بحث عند المتقدمين مما يدل على أنه أمر طبيعي في عداد المباحات. والنصوص التي أستدللت بها تدل على الجواز وقد رويت أثار تدل بلازمها على صحة ذلك الاستدلال منها:
أولا: ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه ولى امرأة من قومه يقال لها (الشفاء) الحسبة في السوق لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وهذا يستلزم بلا شك مخالطتها للأجانب من الرجال.
ثانيا: سُئل الإمام مالك رحمه الله هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم أو مع غلامها؟ قال مالك ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرف للمرأة أن تأكل معه من الرجال. (باب جامع ما جاء في الطعام والشراب 2/935 الموطأ).
ثالثا : نص النووي رحمه الله على جواز الاختلاط إذا لم يكن فيه خلوة وذلك في شرح المهذب في رده على الشيرازي فقال: ولأن اختلاط النساء بالرجال إذا لم يكن خلوة ليس بحرام. وهذا نص صريح لإمام من أئمة الإسلام يوافق ما قاله الإمام مالك.
رابعا : سأل المروزي الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كما جاء في الفروع 5/109 (عن الكحال يخلو بالمرأة قد انصرفت من عنده هل هي منهي عنها؟ قال أليس على ظهر الطريق! قيل نعم، قال: إنما الخلوة في البيوت). فدل هذا صراحة على أن الإمام أحمد لم ير في وقوف المرأة لوحدها عند الكحال محذورا لكونهما على ظهر الطريق، وهذا لا يختلف عن قول الإمام النووي والإمام مالك.
خامسا: قال ابن مفلح الحنبلي (الخلوة هي التي تكون في البيوت، أما الخلوة في الطرقات فلا تعد من ذلك). ولذلك جعل جمهور الفقهاء الخلوة المحرمة لها قيدان؛ وهما: أن تكون بين رجل وامرأة بحيث لا يكون معهما رجل أو امرأة أخرى. والقيد الآخر أن يكون في مكان يتمكن فيه الشخص من ارتكاب المحظور عادة. قال في فتوحات الوهاب المعروف بحاشية الجمل (وضابط الخلوة اجتماع لا تؤمن معه الريبة بخلاف ما لم يقُطع بانتفائها عادة فلا يُعد خلوة).
وقد جاء في الموسوعة الفقهية (من الخلوة المباحة انفراد رجل بامرأة في وجود الناس).
لا مانع من المناظرة
*- يقول أحد القراء " نحن بأخر الزمان ... لا نعلم أين الحق! حديث الغامدي مقنع وحديث علمائنا المعروفين أيضا مقنع ولكن مع من نتبع ؟: ما تعليقك على ذلك ثم على ما شاركه في قراء آخرون حول طلب دخولك مناظرة علمية حول أطروحاتك؟.
- الإعتدال والعمل بهدي النبوة في ذلك هو الصواب فلا إفراط ولاتفريط وقد أوضحت فيما سبق ما يعتبر جوابا لهذا ولا غضاضة في المناظرة حول ماطرحته مع مؤهل لذلك.
في الجزء الثاني من ردوده على قراء العربية نت
-من قال إن جواز الاختلاط فتح باب الشر؟
-الاختلاط في المراحل التعليمية يرجع تنظيمه لولي الأمر.
-لا نصوص شرعية تقسم الاختلاط إلى عارض ودائم أو محرم.
-السؤال عن تخصصي غير مبرر وبيننا البرهان والحجة. والعلم ليس محصورا في الشهادات ..