الخميس، 12 يناير 2012

هل يسمح القرآن بضرب النساء؟؟؟



لنجيب على التساؤل بتجرد لابد من تأمل تفسير المسلمين ومفهومهم الحالي لمعنى قوله تعالى في سورة النساء من القرآن العظيم:
( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا...*) 34- 4.
من خلال تأملنا للآية والبحث عن مصدر المفهوم العام لكلمة ضرب ومشتقاتها، لابد لنا من التأكيد مرة أخرى على أن القرآن نزل بلهجة قريش العربية ، وكأي قبيلة عربية أخرى فإنها لا تستخدم مترادفات متعددة للتعبير عن أي شيء.
انطلاقا من هذه الحقيقة ومع إدراك أن اللغة العربية الفصحى التي نشأت في العصر العباسي ووضعت له قواميس لفهم كل اللهجات العربية خاصة في عصر النحوي الشهير : سيبويه فقد جمعت الكلمات المترادفة بحسب الهجات العربية المتعددة في تلك القواميس حيث نرى مثلا أن للسيف وحده في القاموس المحيط عشرات الأسماء، وكذلك نجد للأسد أسماء عديدة في اللغة العربية،: كالليث والهزبر والورد والضرغام والسبع وإلى آخر ماهناك من أسماء مختلفة حسب اختلاف لهجات القبائل العربية التي كانت متباعدة عن بعضها في الصحاري والبوادي ضمن المنطقة العربية. بالتالي، لفهم معنى واضربوهن الواردة في تلك الآية لا بد لنا من دراسة كلمة ضرب من خلال ذات القرآن على اعتبار أن القرآن نزل بلسان قوم الرسول عليه الصلاة والسلام، الذي كان يدعى قبيلة قريش، والتي كانت كما نعلم تقطن مكة وماحولها في زمن نزول الوحي، وتلك هي سنة الله في رسالاته.
( وما أرسنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم...*) 4-14.
وكما نعلم جميعا اليوم، فإن لسان كل مدينة عربية تختلف عن لسان المدن الأخرى المجاورة لها، أقصد باللهجة الإختلاف بطريقة اللفظ مع اختلاف في معاني بعض الكلمات كاختلااف اللسان الحلبي، مثلا، عن الشامي وعن الساحلي وعن الديري وعن الحوراني وعن الدرزي في بلد واحد مثل سورية العربية. كذلك الأمر إذا دخلنا باقي البلدان العربية فاللهجات تختلف كما أن أسماء الأشياء تختلف أيضا بحسب اختلاف تلك اللهجات.
الآن، بعد هذه المقدمة السريعة، أحب من القارئ الكريم أن يدرك على أن كلمة ضرب، حسب اللهجة القرشية، ليس بالضرورة أن تعني نفس المعنى باللهجة الغسانية أو الحميرية أو الشمرية. بالتالي إذا اعتمدنا لفهم معنى ضرب على القواميس الجامعة لكل الألسنة العربية، نكون قد أسأنا الإختيار، ولن نصل إلى أي حقيقة، بالتالي علينا أن نبحث عن معنى الكلمة في نفس آيات القرآن. للوصول إلى حقيقة معني كلمة ضرب القرشية جمعت كل الآيات القرآنية التي ورد فيها كلمة ضرب أو إحدى مشتقاتها فوجدتها تحصى في القرآن :57 كلمة، في آيات سور القرآن.
بعدها وضعت تلك الآيات في رتل واحد ( طابور) لأعلم معنى كلمة ضرب بحسب لسان قريش، دهشت لما اكتشفت من حقائق، وكي لا أطيل الموضوع أقول: لم أجد في كل مشتقات كلمات ضرب القرآنية أي معنى يشير إلى معنى التعدي الجسدي بالإيلام الحسي المباشر على جلد الإنسان إلا بكلمة جلد، كما وردت مثلا في الآية:
( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ...*) 2-20.
أما قولنا اليوم مثلا: ضرب الأستاذ التلميذ المقصر في دروسه بالعصى على يديه أو على قدميه، هذا المعنى لكلمة ضرب لم أجدها في آيات القرآن. والآن لا بأس أن نستعرض معا المعاني التي وجدتها لكلمات ضرب ومشتقاتها في القرآن الكريم ليصبح ما كان غائبا عن فكرنا واضحا ومفهوما، حيث نجد مثلا عشرات الأمثلة وردت بمعنى ضرب الأمثال، كقوله سبحانه:
( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة...*) 24- 14.
وأحيانا نجدها قد وردت موجهة للمؤمنين من أصحاب الرسول الكريم بمعنى: إذا خرجتم وسرتم في الأرض بأمر الله لتبلغوا الناس برسالة الرحمن، في قوله تعالى:
( ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا...*) 94-4.
ومثلها مثلا قوله تعالى:
( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة...*) 101-4.
وأحيانا تأتي بصيغة إشارة حركية من الرسول لظهور معجزة سماوية كقوله تعالى لموسى أثناء سفره في صحراء سيناء مع قومه الذين كادوا أن يموتوا من العطش فأوحى له سبحانه أن يضرب بعصاه الحجر ليس بمعنى العقوبة الجسدية وإنما كرمز لظهور معجزة سماوية:
(وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ...*) 60-2.
وأحيانا تأتي بمعنى فرضت كقوله تعالى:
( وضربت عليكم الذلة والمسكنة...*) 61-2.
ونحن نقول اليوم مثلا بعد أن نصل في رحلتنا إلى واحة اضربوا الخيام لنستريح من عناء السفر قاصدين بكلمة الضرب هنا أتت بمعنى الأمر بنصبها. وأحيانا قد تأتي في القرآن بمعنى أقام أو أشاد كما في قوله تعالى: ( فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة...) 13- 57. وأحيانا تأتي بمعنى التسديد على هدف محدد من جسد المقاتل الخصم لتعطيله وإخراجه من صفوف المقاتلين وذلك بالتسديد على رأسه أوالتسديد بالسيف على أصابعه كقوله تعالى:
( فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان*) 12-8.
كما تأتي أحيانا بمعنى الإضراب عن الشيئ، كالإضراب عن الطعام مثلا في السجون أحتجاجا على مظلمة ما، أو الإضراب عن العمل تعبيرا عن سوء المعاملة أو قلة الأجور. وقد تكون بمعنى التجاهل والإضراب عن مجالسة شخص ما والحديث معه للتعبير عن غضب أو سخط أو عدم رضى عن تصرفات الآخر، كما وردت في الآية التي معنا من سورة النساء: ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا...*) 34- 4.
حيث أتت كلمة ( واضربوهن ) هنا بمعنى الإضراب عن الكلام أو السلام كإعلان للمخاصمة، حتى تكون بمثابة عقوبة رادعة للمرأة التي أخطأت خطءا جسيما في حق زوجها.واليوم نستخدم عبارة المضاربة في سوق المال، وهذا نوع جديد من استخدامات كلمة ضرب. وهكذا نكتشف كما رأينا أن الذي يقرر معنى الكلمات في أي لغة ليست مجرد أحرف الكلمة نفسها بل سياقها في النص. وأنا شخصيا نادرا ما ألجأ إلى قاموس للغة العربية لمعرفة معنى كلمة في القرآن، بل أتبع نفس هذا الأسلوب الذي اتبعته لمعرفة معنى كلمة ضرب ومشتقاتها.
هذا لأني اكتشفت مع التجربة والممارسة أن اللجوء إلى قواميس اللغة أو حتى كتب المفسرين قد يضل الباحث عن المعنى الحقيقي المقصود في النص، والله هو المعين وهو المستعان دائما لكل المؤمنين الصادقين الباحثين عن الحق الذي في كتاب الله العظيم. فكم من الرجال ظلموا نساءهم كما ظلموا أنفسهم وهم يظنون أن معهم تصريح من الله تعالى يسمح لهم بجلد نسائهم أو صفعهن أو ركلهن. بالمناسبة، حتى أن كلمة : strike باللغة الإنكليزية تأتي بمعنيين: بمعنى ضرب طابة البيس بول بالمضرب. وكما تأتي أيضا بمعنى الإضراب والتظاهر كوسيلة تعبير سلمية عن مظلمة ما.

هناك تعليق واحد :

  1. ببساطة الضرب حسب المعنى القرءاني هوالفصل والمباعدة للجسم المضروب ، ضرب الاعناق فصلها ، ضرب السور ايجاد فاصل ، ضرب الخمار فصل الجسد عن الخارج ، ضرب العصا اي مباعدة وازاحة الحجر ، وضرب المرا’ هو فصل الحركة الجسدية والمباعدة مع بقاء الزوج والزوجة داخل المنزل

    ردحذف